البدو اشد كُفر ؟
( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) هذه كلمات اطهر البشر رسولنا الكريم لمن حوله من رجال شبه جزيرة العرب الذي هو منهم من قبيلة قريش ، عندما نُطلق مُسمى زمن الجاهلية يَتَساور للبعض الافكار بِالبدو في شبه جزيرة العرب ولا يمكن ان يُنهِي تصوره حتى ينطق : ( ابو جهل ) او ( كفار قريش ) ولكن الذي لم يلحضه الغالب أن العبارة كَانت "زمن " الجاهلية لا "مكان" الجاهلية ، فلقد كان العالم اجمع يسري في أوديته وصحارية وحضره وباديته وجباله الجاهلية التي تسكن عقول البشر ساكني هذه التضاريس ومانحوها، سواءاً من ذا البشرة البيضاء او الحمراء او الصفراء او السوداء وإنني أُسهِب في التعدد تاكيداً للتوضيح الكامِل،
إن كل عقل الان لم يصل اليه الاسلام فهو جاهلي ، وكما نرى أن كثير من العرب بل ومِن أبناء هذه الارض المُقدسه يَقع في هذا الفخ ويعتقد أن شبه الجزيرة قبل الاسلام تتصف بِالمساوء فقط ، ولا يعلمون ان كفار قريش لايُبعادون كفار اليوم بشئ بل إن كفار قريش كانوا يتصفون بصفات العرب الحسنه ويحملون السئ كذلك ، كانت بعض المنازل في قريش تئد الفتيات بينما كان الغرب يراجع إن كانت الفتاة حيوان ام انسان ، ولم يكن لها الحق ان تتحدث وان تملك اي شئ ،
يقوم البعض بمحاولة عرض الجانب السيئ من شبة جزيرة العرب ماقبل الاسلام لكي يعظم بحديثه دخول الاسلام ولا يعلم أن الاسلام لايحتاج لكل هذه المحاولات الغادرة بتاريخ رجال شبه جزيرة العرب الغير منصفة ، كانوا يتصفون باخلاق حسنه من الصعب نجدها اليوم في هذا الزمان ، الاسلام قَدِم لتعديل بعض الاخطاء التي وقعوا فيها والشركيات للعالم أجمع ورَسَخ ونَمَى اعمال الخير ومكارم الاخلاق وحسن السلوك المُتصَف في العرب ، وهذا مالا يفهمه جميع العرب اليوم ولايستطيعوا أن يُنصِفوا رجال شبه جزيرة العرب إما بِجهل منهم أو بِحقد يتقطر منهم على رجال هذه الارض ، الذين تميزوا تميز تام جدا عن خُلفاء الانبياء السابقين ،
بحيث أن عيسى علية السلام تخلف قومه أمامه واعتقدوا أنه إبن الله وموسى ترك قومه اربعين ليلة فوجدهم يعبدون العِجل واما نبينا الكريم رحل وترك الدين لرجال ليس من بعدهم رجال بمثل شجاعتهم وعزمهم ولم يتخلفوا عن الدين وإنما نشروه واقاموا الفتوحات الاسلامية دفاعا عن المظلومين في تلك البلدان وتنظيما ونشراً للخير ،
فكان ومازال في شبة جزيرة العرب رجال من أفاضل الاقوام من نواحي عده منها الاخلاق والرجولة والشرف والعِزة ونُصرةَ الدِين ولله الحمد ، فلقد نشر الصحابة الدين وتم توحيد العالم العربي بفضل من الله ثم بِجهودهم الجبارة ودهائهم وتخطيطهم وتأسست إمبراطوريات إسلامية الى أن تَفش حُب السلطة في تِلك الاقوام من بعد رحيل الصحابة وأتت دول محملة بالكثير من المساوء وبعض الخيرات فَجَفَت شِبه جزيرة العرب وذهبت هباء وأصبح الاهِتمام الاولي لبغداد والشام ومصر والاندلس وغيرها فقط ،
وبعدما تعلموا أهل تلك الديار أصبحوا يُعايرون رجال شبه جزيرة العرب بجهلهم وأن لهم الفضل بتعليمهم العلم عندما كانوا معلمين لهم ونسوا أن اساس الحضارة الذي كان لديهم كانت ومازالت بفضل رجال شبه جزيرة العرب الذين ضحوا بِارواحهم من اجل الدين ومن اجل العرب ، ومازلنا الى اليوم نرى بعض المعايرات والاستدلال الخاطئ بأن الاعراب هم اشد كفرا ويقصدون بها رجال شبه جزيرة العرب ويذكرون ابو جهل وينسون العظماء الاسلاميين الذي خرجوا من شبه الجزيرة ، بل تاتي هذه الاتهامات من الغير منتمين للقبائل في السعودية ويفسرون هذه الايات بشكل خاطئ ويتهمون رجال القبائل بشدادة الكفر والتخلف ونسوا أن اساس هذه الدولة مِن خير القبائل التي ضحت بارواحهم سابقا قبل تاسيس المملكة العربية السعودية وكذلك شاركت في تاسيس هذه الدولة بارواحهم مع المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله ،
والبعض الاخر يستشهد بما ذُكِر في مقدمة ابن خلدون عن نبذه للعرب ولا يعلم ان إبن خلدون كان معاشر قبائل المغرب عندما كتب مقدمته وكان هَارِب من الحضر وإستضافوه وأكرموه بدو المغرب فلذلك ذكر محاسن في البدو لايمكن أن يتصف بها المتمندنين ،
قال سبحانه :
الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 79)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الأعراب أشدُّ جحودًا لتوحيد الله، وأشدّ نفاقًا، من أهل الحضر في القرى والأمصار. وإنما وصفهم جل ثناؤه بذلك، لجفائهم، وقسوة قلوبهم، وقلة مشاهدتهم لأهل الخير, فهم لذلك أقسى قلوبًا، وأقلُّ علمًا بحقوق الله. " تفسير الطبري "
والمقصود هنا لانهم متنقلين او بعيدين ولاتصل لهم اخبار الاسلام واحكامه فلذلك هم اشد كفرا لانهم أقل علمًا بالسُّنن.
( والمقصود فئة منهم لا التعميم ) والدليل على ذلك قولة سبحانه بعدما ذكر هذه الاية وفي نفس السورة
وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ ۚ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (99)
____
تعليقات
إرسال تعليق