الـمُـغـفّـلــة و الطَــيّــبُــون


قد مررت قبل ايام على قصة " الـمُـغـفّـلــة" 
 التي هي  من روائع: أنطون بافلوفتش تشيكوف وظلت تدور احداثها في مخيلتي وتفسير انطون لها ؛
حتى انتهيت بهذا التعليق المرتبط بشكل متعمق واصل من نتائج القصه لا منها 
دعني احدثك عن القصه اولا 
  ┈❁┈

كتب انطون : 
منذ أيام دعوتُ إلى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا) لكي أدفع لها حسابها– قلت لها : إجلسي يا يوليا … 
هيّا نتحاسب …
أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود ولكنك خجولة إلى درجة أنك لن تطلبينها بنفسك .. 
حسناً .. 
لقد اتفقنا على أن أدفع لك (ثلاثين روبلاً) في الشهر– قالت : أربعين– قلت : كلا .. ثلاثين .. هذا مسجل عندي …
كنت دائما أدفع للمربيات (ثلاثين روبلاً)…– حسناً– لقد عملت لدينا شهرين– قالت : شهرين وخمسة أيام– قلت : شهرين بالضبط .. 
هذا مسجل عندي ..
إذن تستحقين (ستين روبلاً) ..نخصم منها تسعة أيام آحاد ..
فأنت لم تعلّمي (كوليا) في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط ..
ثم ثلاثة أيام أعياد .
تضرج وجه (يوليا فاسيليفنا) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن لم تنبس بكلمة
واصلتُ …– نخصم ثلاثة أعياد إذن المجموع (إثنا عشر روبلاً) .. 
وكان (كوليا) مريضاً أربعة أيام ولم يكن يدرس .. 
كنت تدرّسين لـ (فاريا) فقط .. 
وثلاثةأيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء ..
إذن إثنا عشر زائد سبعة .. تسعة عشر .. نخصم ، الباقي .. (واحد وأربعون روبلاً) ..
مضبوط ؟– إحمرّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليسرى وامتلأت بالدمع ، وارتعش ذقنها .. 
وسعلت بعصبية ، ولكن … 
لم تنبس بكلمة–
قلت : قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً .. 
نخصم (روبلين) .. 
الفنجان أغلى من ذلك فهو موروث ، ولكن فليسامحك الله !! علينا العوض .. 
وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزق سترته .. 
نخصم عشرة ..
وبسبب تقصيرك أيضاً سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاء .. 
ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً .. 
و هكذا نخصم أيضا خمسة .. 
وفي 10 يناير أخذتِ مني(عشرة روبلات)–
همست (يوليا فاسيليفنا) : لم آخذ– قلت : ولكن ذلك مسجل عندي– قالت : حسناً، ليكن– واصلتُ : من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين..
الباقي أربعة عشر
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع .. وظهرت حبات العرق على أنفها الطويل الجميل ..
يا للفتاة المسكينة– قالت بصوت متهدج : أخذتُ مرةً واحدةً .. أخذت من حرمكم (ثلاثة روبلات) .. لم آخذ غيرها– قلت : حقا ؟ .. 
انظري وأنا لم أسجل ذلك !! نخصم من الأربعة عشر ثلاثة ..
الباقي أحد عشر ..
ها هي نقودك يا عزيزتي !! ثلاثة .. ثلاثة .. ثلاثة .. واحد ، واحد .. تفضلي .
ومددت لها (أحد عشر روبلاً) ..
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة .. 
وهمست : شكراً
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجيء في الغرفة واستولى عليّ الغضب– سألتها : شكراً على ماذا ؟– قالت : على النقود– قلت : يا للشيطان ولكني نهبتك .. 
سلبتك ! ..
لقد سرقت منك ! .. 
فعلام تقولين شكراً ؟–
قالت : في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً– قلت : لم يعطوكِ ؟! أليس هذا غريبا !؟ لقد مزحتُ معك ..
لقنتك درساً قاسياً ..سأعطيك نقودك .. (الثمانين روبلاً) كلها .. 
ها هي في المظروف جهزتها لكِ !!
ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة إلى هذه الدرجة ؟ لماذا لا تحتجّين؟ لماذا تسكتين ؟ 
هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب ؟
هل يمكن أن تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة ؟–
ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها : “يمكن”– سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها ،بدهشتها البالغة ، (الثمانين روبلاً) كلها .. فشكرتني بخجل وخرجت
تطلعتُ في أثره 
وفكّرتُ : ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا 

  ┈❁┈
ما ابشع ان تكون ضعيفاً في هذه الدنيا 
هكذا انتهى انطون من القصه المعبره 
كم من شخص الان يعتقد ان لديه معاناه مع الطيبه المرتفعه ؟
الكثير
فهل الطيبه هي السذاجه والجُبن والضِعف ياصديقي ؟ 
لماذا نجعل من الطيبه عندما نتحدث عنها في هذه المواضع كانما هي سذاجه ويجب ان لا نجعلها مرتبطه بنا بشكل متزايد
احياناً الطيبه توصل للسذاجه ؟  
هذه ليست طيبه وانما ضعف والبشرية تفسرها طيبه " زائدة "
و ان نلوم الطرف الطيب كما نراه فقط وبدون ان نرى الامر في الطرف المعتدي هذا امر خاطئ 
وكانما نبرر الطغيان العام بسبب ان هنالك طيبه مرتفعه في المجتمعات
..
وإن كان الناس طيبين وضعفاء !
فإن اللوم يجب ان يكون على من يعاملهم بسوء ويستغلهم 👍
وفي الواقع ان ذلك ليس طيبه زائده وإنما ضعف عندما نرى من يستغلنا بسبب طيبتنا ونصمت عنه فمن الخطا ان نفسر السكوت بطيبه بل بضعف يامجتمعي العزيز ، فلذلك هنالك لبس كبير فهنالك من يعتقد ان القوي والشديد هو غير متسامح ولايملك الطيبه ، ويعتقدون ان مالك خصال الطيبه هو انسان صامت عن حقوقه ومتماشي مع الامور بغفاله وجهاله ولا يقول كلمة : لا

لماذا نلوث خصال الطيبه هكذا .. !

  ┈❁┈








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طوبائية الدوغماتية ، والواقع والافتراض

صورة وتعليق

تأملات و خواطر